الانسان بين الرضا والسخط
الإنسان بين الرضا والسخط
الإنسان لم يرضى عن شئ في هذا الكون أكثر مما رضي عن عقله فهو غير راض و ساخط عن كل شئ و يقول علماء النفس إن كثيرا من الهموم و الضغوط النفسية سببها عدم الرضا ، فقد لا نحصل على ما نريد ، و حتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك الرضا التام الذي كنا نأمله و حتى بعد حصولنا على ما نريد فإننا نظل نعاني من قلق و شدة خوفا من زوال النعم ..
يقول أحد الحكماء ( لو أن أحدا ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد ، و ما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم ، فما الفرق بينه و بين الفلاح الذي يحفر الأرض ؟ لعل الفلاح أشد استغراقا في النوم ، و أكثر استمتاعا بطعامه من رجل الأعمال صاحب الجاه و السلطان ) فأحذروا القلق و الهموم فهي تفتك بالجسم
و تهرمه كما قال المتنبي :
الهم يخترم الجسيم نحافــة ... و يشيب ناصية الصبي فيهرم !
و قد ذم الرسول صلى الله عليه وسلم التكالب على الدنيا فقال ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، و جمع له شمله ، و أتته الدنيا و هي راغمة . و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، و فرق عليه شمله ، و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) رواه الترمذي .
و يهدف هذا التوجيه النبوي إلى بث السكينة في الأفئدة ، و استئصال هذا الطمع و التكالب على الدنيا و ان الأرزاق مقسومة مقضية لا محالة فيها ..
فلا شك أن علاج الهموم هو في الرضا بما قدر الله ، و الصبر على الابتلاء و احتساب ذلك عند الله ، فإن الفرج لا بد آت ..
و الساخطون و الشاكون لا يذوقون للسرور طعما . فحياتهم كلها مكفهرة سواد دامس ، و ليل حالك .. غنده ضعف الإيمان و من اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ..
أما الرضا فهو نعمة روحية عظيمة لا يصل إليها إلا من قوي بالله إيمانه ، و حسن به اتصاله .. الرضا جنة الدنيا من لم يدخلها فقد فقد حرم جنة الآخرة ..
و المؤمن راض عن نفسه ، راض عن ربه لأنه آمن بكماله و بحكمته ، و أيقن بعدله و رحمته ..
و يعلم أن ما أصابته من مصيبة فبإذن الله . و حسبه أن يتلو قول الله تعالى:
( و ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله و من يؤمن بالله يهد قلبه و الله بكل شيء عليم )
و المؤمن يؤمن تمام اليقين أن تدبير الله له أفضل من تدبيره لنفسه ، فيناجي ربه و يقول ...( بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) و تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) رواه أحمد .. و على المسلم الرضا بقضاء الله و الرضا بالرزق و الزوجة و الأولاد حتى يشعر بالراحة و الطمأنينة .. فالله أعلم و احكم وهو علام الغيوب و هو من خلق الخلق و يعلم ماهو الأصلح لهم .. أليس الله بكاف عبده .. أليس الله بأحكم الحاكمين ..... أسال الله ان يوفقنا للخير و السعادة و للرضا بالقضاء خيره و شره و ان يجعلنا من أهل رضوانه جناته ......